المرحلة الثانية: النمو من خلال التوجيه - نموذج جرينر لنمو المؤسسة
غالبا ما يأخذ النمو من خلال التوجيه كل من ثروات المؤسسة وأفرادها فوق منحنى النمو إلى مستويات جديدة من الفعالية كما حدث في شركة كومباك في مطلع التسعينات. وكلما استمرت المؤسسة في النمو سريعا، فإن التوجه نحو تمركز السلطة وتمحور عملية صناعة القرار غالبا ما تودي إلى نشوء أزمة جديدة.
عندما يتوطد الأمر للمدراء المحترفين من تولي زمام الأمور كلية، تواجه مؤسساتهم أزمة الحكم الذاتي، حيث تحدث هذه الأزمة بسبب أن الأفراد المبدعين بالمؤسسة الذين يعملون بأقسام مثل قسم الأبحاث والتطوير، أو هندسة الانتاج أو التسويق يصبحوا عرضة للإصابة بالإحباط لقلة سيطرتهم على عملية تجديد وتطوير المنتج الجديد. حيث أن البنية المصممة من قبل كبار المدراء والمفروضة على المؤسسة يخلق مركزية في عملية صنع القرارات ويحد من حرية خوض التجربة . من ثم فإن مستوى البيروقراطية المتزايد الناشئة في مرحلة النمو من خلال التوجيه يخفض من الحماس على التشغيل. فعلى سبيل المثال، قد يستلزم الأمر الحصول على موافقة الإدارة العليا لبدء مشروعات جديدة، كما أن الأداء الناجح لبعض المستويات المتدنية من السلم الوظيفي قد تظل غير ملحوظة أو على الأقل دون مكافأتها نظرا لكون المؤسسة تبحث عن طرقا لخفض التكاليف. حيث أن كل من المدراء ومتعدي التشغيل في الأماكن التشغيلية مثل قسم الأبحاث والتطوير ينتابهم الإحباط عند عدم الاكتراث بأدائهم في العمل وعندما تتجاهل الإدارة العليا توصياتهم لإدخال بعض التجديدات. كما يشعر أيضا كل من المدراء والموظفين بالضياع من إزاء مستوى البيروقراطية المتزايد في المؤسسة، ويصبحوا أكثر إحباطا لافتقارهم إلى الإستقلالية في اتخاذ القرارات. لقد حدث نفس هذا الموقف في شركة كومباك في نهاية التسعينات، فبالرغم من نموها السريع إلا أن أدائها كان منهاراً بسبب المنافسة من قبل شرك "ديل للحاسبات الآلية"، مما جعل كبار المدرين بها أكثر سيطرة للحد من النفقات والتكاليف. وبالتالي أدى ذلك إلى إنخفاض مستوى الإبداع وأصبحت شركة كومباك أكثر بطئا في الاستجابة تجاه مواكبة التيار، من خلال بيع أجهزة الحاسب الآلي ثم الحصول على منتجات أقل تكلفة. وتدهورت الأوضاع بالشركة وأصبحت أكثر سوءا وتعرضت الشركة لأزمة كبيرة.
ما الذي يحدث إذا لم يتم معالجة أزمة الحكم الذاتي؟ من المحتمل أن يقوم مدراء التشغيل الداخلي بترك المؤسسة. في الصناعات العالية التقنية غالبا ما يصاب العاملين بها بالإحباط بسبب البيروقراطية التي تكون واحدة من الأسباب الرئيسية التي تدفعهم لترك المؤسسة والبدء بعمل خاص بهم.
إن مغادرة متعهدو العمل للمؤسسة من شأنه أن يحد من حركة المؤسسة على الإبداع، كما يتسبب أيضاً في ظهور منافسين جدد في نفس ميدان الصناعة. إذا لم تشرع المؤسسة في علاج أزمة الإدارة الذاتية المستقلة فإنها تتسبب في حدوث مشكلة كبيرة بها وتحد من قدرتها على النمو والتطور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق